09 - 05 - 2025

وجهة نظري| زاهدا فيما سيأتى

وجهة نظري| زاهدا فيما سيأتى

يسكنك صوت فيروز الملائكى الأثير وكلام جبران .. يحلق بك بعيدا عن قبح الواقع .. يحملك إلى الأفق البعيد ..تشعر وكأنك تطير سابحا فى الفضاء الرحب.. تتخفف من ثقل هموم.. تسبح فى عالم آخر أكثر رقيا ونقاء وهدوءا

هل فرشت العشب ليلا وتلحفت الفضا

زاهدا فيما سيأتى ..ناسيا ماقد مضى

تصبح أسيرا لتلك اللحظة التى تعيشها.. تسكنك حالة من الرضا طالما حلمت بها وتمنيتها.. لم يعد لآلامك ذلك الوخز الموجع الذى اعتدته .. تتطاير الآلام مثل ذرات رماد .. تنسى كل مامربك من متاعب وهموم ومشاكل .. لم يعد لها أى أثر فى ذاكرتك يمكن أن يكدر صفوك ويجرح سكينتك. حتى أحلامك المجهضة تمر لكنك لاتتوقف عندها ولا تزعجك بعدما تيقنت أنها مجرد سراب .. توئد معها بقايا إحباط خلفته يوما وراءها .. فلم يعد لهما أى أثر فى نفسك .. تتساوى إنتصاراتك القليلة وإنكساراتك العديدة .. يلتحما فى دعة ويتناثرا بعيدا عن روحك .. تمتزج ابتسامتك بألمك وضحكك بوجعك وحزنك بفرحك تقبض على مشاعرك المتناقضة الممتزجة وتقبض عليها بقوة ثم تطيح بها جميعا وراء ظهرك "ناسيا ماقد مضى ".

تباغتك أمانيك البعيدة وأحلامك فى القادم من أيامك تتراقص أمام عينيك بمكر وإغراء وعذوبة.. يشدك بريقها إلى حين.. تسرح وتذهب بعيدا للحظة أسيرا للتفكير فى نيلها وأى الطرق أسرع لتحقيقها.. تستنزف جزءا من تفكيرك.. ثم تنتبه ..تعود لأحلام قبلها وكم عانيت لتحقيقها ثم ذهبت أدراج رياح.. تستعيد وخز آلامها المبرحة.. كم أوجعتك وقتها.. كم حيرتك وأحزنتك وأنهكتك بدوامتها الموحشة.. تتوقف عن الحلم تكف عن التحليق وتستسلم لفرض الواقع "زاهدا فيما سيأتى". وأن أنينك لن يبقى مثل الناى بعد أن يفنى الوجود.. فمرورك فى الدنيا عابر وبلا أى أثر.. تكتفي بالقبض على اللحظة، يملؤك الرضا ناسيا كل مامر بحياتك "من داء ودواء" بعدما توقن أن "الناس سطور كتبت لكن بماء".

---------

بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

قانون الإيجار القديم .. لغم لا يحمد عقباه